إليكن يا حفيدات رفيدة الأنصارية

إليكن يا حفيدات رفيدة الأنصارية..

حمامات الرحمة من بنات بلادنا الغالية..لأنكن وبكل فخر وعزة حفيدات الصحابية الجليلة رفيدة بنت كعب الأسلمية الأنصارية…انقل لكم التالي:
إن التخلف الذي ترضخ أمتنا تحت وطأته في عصرنا هذا لهو نتاج ومحصلة أمراض في القلب وخلل في الفكر..وما اجتمع الاثنان في جسد إنسان أو جسد أمة إلا وكان التخبط نتيجة طبيعية…وإن أمثلة التخبط عديدة يراها أهل البصائر في شتى مياين الحياة..وسأقدم للقارئ الكريم صورة من هذه الصور…ولكنني سأبدأ باستعراض ومضة من تاريخ قصة أمتين……

في عام586م عقدت المؤتمرات في أوروبا لبحث موضوع(هل المرأة إنسان) وبعد البحث والجدل والمناقشة قرر أن المرأة إنسان خلقت لخدمة الرجل وحده….وفي العام نفسه نقض آخر رسل السماء للأرض سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم هذا القرار ليرتفع صوت هدي السماء في قول الحق عز وجل :{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله}..وليكون للنساء بنص القرآن بيعة إيمان وجهات مستقلة لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه تماما كبيعة الرجال. ثم توالت بعد ذلك الآيات والأحاديث من مثل قوله صلوات الله وسلامه عليه: {إنما النساء شقائق الرجال}..وكن ذلك في عهد الرسول وصحابته والتابعين وعصور العز والتمكين للإسلام.ومن صور هذه المشاركة الفعلية تقدير نبي الإسلام لعمل هو من أجل الأعمال الإنسانية في كل العصور..ألا وهو (التمريض)..وتاريخ الإسلام غني بصور التقدير لشخصيات نسائية مسلمة من أشراف قومهن خرجن من خدورهن وتحفظهن النسائي ومن تشدد القبلية والعشيرة والعائلة ليساهمن مساهمة جادة في الجهاد والتمريض منذ البداية الأولى للإسلام والمسلمين..وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل النساء في هذا المجال ورعاه وشجعه وطبقه عمليا في الغزوات والحروب..وهناك مواقف عظيمة خالدة لممرضات مسلمات سجل التاريخ الإسلامي أعمالهن بأحرف من نور.فمنهم رفيدة بنت كعب الأسلمية الأنصارية والتي تعد الممرضة الأولى في الإسلام..وهي إحدى الصحابيات اللواتي اشتركن في غزوة الخندق في السنة الخامسة للهجرة..وقد اتخذت السيدة رفيدة خيمة لها في المسجد النبوي الشريف..تدواي فيها الجرحى وتشرف على احوالهم.

ولما جرح الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه في المعركة أمر رسول الله بتحويله إلى خيمة رفيدة في المسجد..فقال صلى الله عليه وسلم{ اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب}..وكانت خيمة رفيدة بمثابة أول خيمة طبية نصبت في الإسلام ..أو أنها اول مستشفى ميداني متنقل أو على أقل تقدير أول محطة تضميد متقدمة في ساحة المعركة..

ويروى أن رفيدة وفدت إلى الرسول مع مجموعة من المتطوعات من نساء الصحابة كانت قد دربتهن على فنون الإسعاف والتمريض..وكان الرسول يعطي رفيدة حصة مقاتل كما أعطى المتفوقات منهن قلادة شرف تقديرا لجهودهن التي بذلنها في الحرب. ومما كن يقمن به معالجة الجراح والعناية بالمرضى وجبر العظام وإيقاف الدماء النازفة وتضميد الجراح الأولية ومواساة المرضى…وبذلك كن يلقبن((الأواسي)) في حين يطلق على الواحدة منهن اسم(ممرضة) وعلى عملها (التمريض)..وممن قلدهن رسول الله وساما أميمة بنت قيس الغفارية..وكانت قد خرجت زعيمة للآسيات الطبيبات والممرضات لما بلغت السابعة عشر من عمرها..وظلت أميمة تزين صدرها طوال حياتها بارتدائها للقلادة ولما ماتت دفنت معها بوصيتها…

وبعد أكثر من مائة عام من هذا العصر الزاهر وبداية تاريخ التمريض في عصر الإسلام ووقوف المرأة بجانب الرجل..لا في معركة الحياة فحسب..بل في معركة القتال..بعد أكثر من مائة عام في القرن السابع الميلادي عقد مؤتمر في روما عن المرأة ليقروا فيه أن المرأة(كائن لا نفس له) وعلى هذا فليس لها حق أن ترث الحياة الآخرة وأنها رجس كبير..وخرجت أوروبا من عصورها الوسطى المظلمة..بعدها بألف ومئتي عام في أواخر القرن التاسع لمع في الغرب اسم البريطانية الإنجليزية الشهيرة (نايتنغيل)..وكتب عنها الكثير وأطلق اسمها على ردهات المستشفيات والشوارع ونصب لها تمثال تخلدا لذكرها وكفاحها اثناء ممارستها للتمريض لتجعل منه عملا شريفا في حين كان يحيط باسماء من يقمن_أجيرات_بمثل هذا العمل..

الكثير من الشبهات ولم يكن يحظين بأي احترام قبلها..كما أن المستشفيات الأوربية في القرون الوسطى كانت مهملة تتناثر فيها الأوساخ وكان المرضى فيها مطروحين على الأرض من غير عناية او اهتمام..في حين كانت القطط الكلاب تمرح في المستشفيات أكثر من الإنسان..

واستمرت المرأة المسلمة في التقدم في مهنة التمريض طوال مئات السنين من عصور الازدهار الإسلامية وكن مرجعا ومنارة في علوم الطب لأوروبا والغرب..ثم عادت عصور التخلف على الأمة الإسلامية خلال المائة الخالية وعادت النظرة الجاهلية القديمة لمهنة التمريض عند كثير من الآباء والأمهات في المجتمع الإسلامي..فأصبحت العوائل تضن على بناتها أن يسلكن هذه المهنة الإنسانية العظيمة اقتداء بمن قلدهن خير الأنام وخاتم الأنبياء قلائد وأوسمة بقيت على صدورهن وصدور هذه الأمة شاهدا على مكانة هذه المهنة في الإسلام دحضا وتصحيحا للمفاهيم الجاهلية..

واليوم قد تقدمت مهنة التمريض في الغرب وفتحت آلاف المعاهد والكليات بينما تخلفت هذه المهنة في كثير من بلاد الإسلام حتى صار قطر واحد من العالم الإسلامي مثل بلادنا الغالية يعمل فيه أكثر من مائة ألف ممرضة من خارج البلاد (معظمهن غير مسلمات)في حين أن مئات الآلاف من حفيدات رفيدة بنت كعب الأسلمية الأنصارية يجلسن في بيوتهن يقتلهن الفراغ والملل ولا يجدن متنفسا لإنفاق أوقاتهن الغالية إلا في مشاهدة البرامج الفضائية التي تروج لبرامجها المدمرة مثل تخريج أجيال من الراقصات والمغنيات والتي لاأشك في نجاحها في تحقيق بعض أهدافها..والسنوات القادمات ستكون شاهدا على ذلك..ولا حول ولا وقوة إلا بالله..

أين هي برامجنا التوجيهية المتكاملة وخططنا الحالية والمستقبلية لتصحيح نظرة المجتمع تجاه التمريض ولإعادة وضع هذه المهنة العظيمة في مكانتها الطبيعية التي أرادها لها هدي السماء وآخر الرسل والأنبياء..

نعم هناك معاهد تمريض تحت الإنشاء وهناك جهود مشكورة من القطاع الخاص والحكومي ولكن ردود الفعل والجهود لا تتناسب مع حجم المشكلة..إن انخراط عشرات الألاف من بناتنا في هذه المهنة الجليلة خلال العشر سنوات القادمة سيكون له أكبر أثر على رفع مستوى الرعاية الصحية في البلاد بشكل عام خاصة واننا نكتشف يوما بعد يوم من خلال البحث العلمي الدور المرئي وغير المرئي والحسي وغير الحسي الذي تساهم به الممرضة في سرعة شفاء المريض واستقراره النفسي والعقلي أثناء العلاج في المستشفى..فمن سيقوم بهذا الدور الخطير خير من بنات جلدتنا من المسلمات الصالحات الطاهرات..حفيدات الصحابية الجليلة رفيدة الأنصارية……