الشباب عماد النهضات

الشباب هم طاقة المجتمع .. بهم تحيا مجتمعاتهم .. وعلى أيديهم تُبنى الحضارات. ولذلك تُعنى الدُّول بتوجيه طاقات شبابها توجيهاً إيجابياً نحو  التطوير والبناء، وبدون التوجيه يمكن أن تصبح هذه الطاقة معول هدم لا معول بناء.ذذ

ذ

وتزداد أهمية هذه الطاقة في المجتمعات الناشئة الشابة التي يمثل فيها الشباب الأغلبية العظمى، مثل مجتمعنا، فأكثر من سبعين في المائة من أفراده هم ممن دون سن الثلاثين.ذذذ

ذ

وتوجيه الشباب علم قائم بذاته، متجدد متغير حسب الزمان والمكان وتطور الأحوال الثقافية والاجتماعية والفكرية للمجتمع .. وبنظرة متأملة هادئة فاحصة لما يدور حولنا في العالم العربي، ندرك أن التغيير الذي قام به الشّباب هو الذي أنتج ما نطلق عليه اليوم “الربيع العربي.ذذذ

 

لقد استخف بعض هذه المجتمعات بالشباب ولم يوليهم الاحترام الذي يستحقونه أو حق التعبير الذي ينشدونه أو محاولةفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم وأحلامهم، واستمر قمع الشباب والضغط عليهم، فتحولت الطاقة التي فيهم إلى طاقة حانقة غاضبة. ومرّة أخرى ظن صانعو القرار أنهم يستطيعون كبح جماح هذه الطاقة أو تقييدها، مما زاد إحساس الشباب بالظلم والقهر. وأخيراً تفجرت هذه الطاقة لتقلب الطاولة على من سلبهم حقوقهم وحقَّر من شأنهم، وظن أنه يستطيع أن يُسخر طاقات الشباب لخدمة مصالحه وأهوائه.سسسسس

 

لقد حبانا الله في بلادنا الغالية بشريحة واسعة من الشباب والشابات، يدركون دورهم وواجبهم تجاه مجتمعهم، ويوجّهون طاقاتهم للمصلحة المتعدية والنفع العام، فيسعون لإقامة مؤتمرات ومنتديات ثقافية وتربوية وتوعوية تعين الطلبة والشباب على أن يجدوا أنفسهم ويتعرفوا على ملكاتهم التي وهبها الله لهم، ليختاروا بناءً عليها التخصصات التي يمكن أن يُبدعوا فيها .. وكان آخر هذه المؤتمرات مؤتمر تحديد التخصص الذي عكف مئات الشّباب والشّابات على التحضير له، وسجل فيه أكثر من ألفي طالب وطالبة، وانتهى بالإلغاء في آخر لحظة.سسسسسس

 

وكذلك الحال في مؤتمرات ومنتديات ثقافية تربوية نظمها الشباب والشابات ليغرسوا بها الأخلاق ويجعلوا منها ركائز ودعائم للمجتمع المسلم المؤمن، مثل “تديكس نجد” و “غراس” و “ركاز القيم” و “عزتي إسلامي” وغيرها كثير.سسسس

 

لقد أصبحت هذه الشريحة المثقفة العاملة لخير مجتمعها في حالة اندهاش وإحباط .. ولقد قرأت البيان الذي كتبه مجموعة من الشباب والشابات بعنوان “بيان الشباب السعودي”، ووقع عليه ألفان وثمانمائة وثلاثون شاباً وشابة، قرأته عدة مرات، ورأيت أنه يستحقّ القراءة منا جميعاً، فهو صوت الشباب والشابات (طاقة هذا المجتمع)، يعبرون عن أنفسهم بوضوح ونضج.ظييييييي

 

 يقول البيان بخصوص ضمان الحريات وأدب الاختلاف:سسس

 

بسم الله الرحمن الرحيم

“نحن مجموعة من الشباب الناشط، نسعى جاهدين نحو تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية التي نفخر بالانتماء لها، ندرك ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات، لا نقبل أن يشكك أحد في إسلامنا أو وطنيتنا، ولا نقبل أن يتحدث أي تيار أو اتجاه باسمنا بشكل يدعي فيه احتكاره لحق تعليمنا وإرشادنا ونصحنا والوصاية علينا بحجة حمايتنا وتحصيننا من الأفكار التي تختلف مع منظومته الفكرية، أو أن يخوض معاركه الخاصة ضد خصومه بحجة الدفاع عنا.ظظظظ

ظظ

نحن الشباب المسلم نرفض هذه الوصاية الأبوية التي تحجر علينا في ممارسة حقنا في التفكير والبحث فنحن نستطيع أن نستمع للجميع ونحكم بأنفسنا دون وصاية لا تثق بعقولنا وتدعي التخوّف من أن يتم التغرير بنا.ظظظظظظ

ظ

إن ما شهدناه في الفترة الماضية بين أبناء وقيادات المجتمع ومختلف تياراته من صراعات حادة وسجالات مستمرة، واستعداء لا يسُر إلا من يقف عقبة في طريق التنمية والإصلاح ولا يصُب في مصلحة الوطن .. هو برأينا أمر لا يمكن السكوت عنه دون تسجيل موقف، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع ذلك الطرف أو الطرف الآخر، فإننا حتماً يجب أن نقف وقفة حق نعبر فيها عن قناعتنا في رفض واستنكار أي محاولة لقمع الآخر وإيقاف مشاريعه.ظظظظظ

ظ

إن عودة ثقافة التحريض التي ما زال يمارسها البعض، ضد من يختلف معهم فكرياً، والسعي لإلغائه والتحريض عليه سياسياً وأمنياً، والتشكيك في ديانته ووطنيته، لهو أمر مؤلم، ولا يبشّر بخير، وسيدخل الحراك الديني والثقافي والتنموي والتربوي إلى لُجَّة الصراعات السلبية مرة أخرى، والتي لا تعود للوطن ولا للمواطن بخير ولا نفع.ظظظظظ

ظ

لقد عاش الجيل الذي قبلنا في العقدين الماضيين في متاهات هذه الصراعات التصفوية المتناحرة، والتي كان يسعى فيها كل تيار إلى إلغاء التيار المخالف له بكل الوسائل اللاأخلاقية .. الأمر الذي أدى إلى انحراف الخطاب الديني والثقافي عن القضايا الجوهرية الكبرى التي تهم وتلامس مصلحة الوطن والمواطن، والانزلاق في قضايا جزئية حزبية فئوية ضيقة.ظظظظظظ

ظ

إننا نحن الجيل الشبابي اليوم نستنكر ونرفض بشدة عودة هذه الثقافة الصراعية الإقصائية التحريضية، والتي لا تؤمن بالتعددية، والحرية المسؤولة، والمجتمع المدني، والوطن الواحد الذي يسع ويحتوي الجميع بكل ألوانه وأطيافه، فعودتها تعني أن الخاسر الأكبر هو: الوطن.ظظظظظ

ظ

بناء على ذلك قمنا – نحن الشباب – بصياغة هذا البيان.. وهو تسجيل موقف للشباب ضد هذه الأساليب القمعية تجاه أي مشروع شبابي نهضوي وثقافي وفكري.ظظظ

ظظظظ

إننا ندعو ونطالب بالآتي:ظظظظظظ

١.  ترسيخ قواعد الحوار وآداب الاختلاف والنقد النزيه دون شخصنة المواقف وتحويلها إلى صراعات شرسة تهدف لإسقاط المخالف وتخوينه.ظظظظظظظ

 ٢. مواجهة الأفكار بالأفكار والمشاريع بالمشاريع مع حفظ حق الجميع في تأسيس مشاريعهم أياً كانت، وحفظ حق المخالف في إبداء رأيه دون وصاية أو محاولة فرض الآراء.ببببببب

٣. تعدي مرحلة المعارك المتبادلة ونبذ كل أشكال التحريض والاستقواء بالسلطة والنفوذ لإقصاء الآخر.يييييي٣٣

 ٤. السعي في بناء مؤسسات مجتمع مدني تستوعب الجميع فالساحة ليست ملكاً لجماعة أو تيار ولا يمكن لأحد أن يدَّعي احتكار الحق والحقيقة باسم الشريعة.يييي

٥. الانطلاق نحو ما يوحد أطياف المجتمع وتعميق كل ما هو مشترك وطني وتوحيد الجهود من أجل الإصلاح وبناء دولة الحقوق والمؤسسات.ييييي

 

وبعد .. فإننا نعد هذا البيان، تسجيلاً لموقف شريحة من الشباب المؤمن بدوره في تنمية وطنه، والذي يحترم علماءه ويجلّهم، كما يحترم مثقفيه ومفكريه، ولا يرضى أن يكون الإقصاء والقمع والتحريض هو سبيلهم، ويسعى لخلق بيئة صحيّة ومجتمع يقتدي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في ظل تعددية فكرية لا يضيع فيها حق، ولا يقوم عليها باطل.” انتهى البيان.يييي

ي

إنه صوت شريحة من الشباب والشابات العقلاء الذين نحن في أمسّ الحاجة لدعمهم في نشر فكرهم المعتدل المتزن الناضج، بل وعلينا أن نشجعهم ليقوموا بأنشطة من شأنها زيادة حجم هذه الشريحة العاقلة، لا أن نُصّعب عليهم إقامة مؤتمراتهم ومنتدياتهم الثقافية والتربوية الهادفة المصبوغة بنهج الشمولية والوسطية الجامعة.يي

 

إنهم جزء مهم وفعّال في بناء المجتمع المدني والمؤسسات المدنية التي تعوِّل عليها المجتمعات في تحقيق الأمن والإستقرار والأمان والتوازن والولاء للوطن، ممثلاً بذلك كل أطياف المجتمع، بعيداً عن القبلية والعصبية والحزبية.٢