نتيجة حتمية .. لسنن الله الكونية

تمر بأمتنا المأساة تلو الآخرى والمجزرة تلو الآخرى وفي كل مرة تنهض فيها الأمة وتستيقظ ولكن كيقظة النائم الذي يعبر عن مدى إنزعاجه مما أيقظه ثم يعود فينام مرة آخرى …

وهناك فرق كبير بين الأمم المؤثرة وأمم ردود الأفعال، فالأمم المؤثرة إستطاعت أن تجعل لقضاياها الهامة أهدافاً قصيرة المدى وبعيدة المدى ونجحت في تسخير طاقات الفرد فيها بربط دوائر تأثيره بدوائر الاهتمام بقضاياها الكبرى فأصبحت تخطو كل يوم من أيامها تشرق فيه الشمس خطوة للأمام في تحقيق أهدافها بعيدة المدى.

كثير هم في مجتمعاتنا من يتفاعل اليوم مع قضية من قضايا الأمة المصيرية الهامة وهذا أمر واجب يؤكد أن الأمة مازالت حية ولكن عندما تسأل الأغلبية العظمى كيف تربط ما تقوم به كل يوم من أيام حياتك {والذي يدخل في مانسميه “دائرة التأثير”} بتحقيق العزة والتمكين لهذه الأمة والوصول إلى غاياتها الكبرى ونصرة قضاياها المصيرية تجد الإجابة مبهمه أو سلبيه وتعكس عدم وضوح للرؤية، لدور الفرد في عمله اليومي لتحقيق الغايات والأهداف العظمى للأمة … إن هزيمة الأمة كانت ومازالت بيدها لابيد أعدائها فالهزيمة والنصر يبدآ من الداخل…

ولن تقوم لهذه الأمة قائمة ولن تعود إلى الريادة والعزة والتمكين إلا عندما يكون هناك حشد كافٍ من أبناء هذه الأمة. كل يعمل في دائرة تأثيره يحمل مهمة وضع المعايير الربانية في مجاله تنظيراً وتطبيقاً في الطب والتعليم والإعلام والقانون والتجارة والسياسة وفنون الحرب وكل مجالات الحياة حيث تتسع الدوائر وتلتقي، عندها فقط تصبغ الحياة بالصبغة الربانية وتجري عليها سنة الله الأزليه الأبديه في التمكين والنصر، وعندها يحقق الإنسان مفهوم الإستخلاف في الأرض وعمارتها كما يحبها الله أن تُعمر … وعندها فقط يصبح النصر للأمة نتيجة حتمية تحقيقاً لسنن الله الكونية …

إن عزيمة الشعوب والأمم وقدرتها في الدفاع عن كرامتها وعزتها ماهي إلا محصلة جمع أعمال أفرادها فما إتفق مع أهدافها السامية وغاياتها الكبرى زاد في المحصلة وسارع في تحقيق الأهداف، وماتعارض معها من أعمال أفرادها زاد في الطرح منها وأخر في تحقيق أهدافها.

وهناك ثلاثة أنواع من الأعمال:
عمل يزيد في الحصيلة بقدر العمل وقيمته فيصبح قيمة الواحد من العاملين بمثابة عشرات ومئات وآلاف…
وعمل ينقص في المحصلة بقدر ماأضاع الفرد من فرص العمل فكان كالصفر لاقيمة له…
وهناك نوع آخر ثالث ليس كالأول أو الثاني وعمل هؤلاء لا ينقص فحسب من مجموع المحصلة بقدر إضاعة عمل الفرد بعينه وانما هو يُنقص به أضعافاً مضاعفة … وهؤلاء الذين يعملون ليل نهار في محاربة الأهداف السامية والغايات النبيلة لتعارضها مع مصالحهم الشخصية الدنيوية من منطلق نظرتهم الضيقة وفهمهم القاصر المنحرف لما يصلح أمرهم في الدنيا والآخرة، وهؤلاء يكثرون بغياب وقلة أصحاب الأعمال الهادفة فتصبح الأمة كالرجل الذي فيه شركاء متشاكسون وغثاء كغثاء السيل…
فما أشبه الأمة اليوم بما وصفها به رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يارسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت”.

عكاظ  لقراءة المقالة من صحيفة عكاظ الرجاء الضغط على الرابط أدناه

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090120/Con20090120253615.htm