نظام حماية المواليد … حق لكل مولود

يُعرف علم الإدارة الحديث الخطأ بأنه تجربة قيمة لتفادي الوقوع فيه مرة أخرى، والخطأ لا يصبح خطأ إلاَّ إذا تكرر..

كم من الأخطاء التي تحدث في مجتمعاتنا ولا نتعلم منها .. نتفاعل معها بعواطفنا ثم ما تلبث أن تنطفئ هذه الشعلة بمجرد زوال الأزمة أو تعاقب الأيام عليها أو استئثار غيرها من ال

أزمات والأحداث في الساحة علينا..

 

لو أننا تعلمنا من كل خطأ واستفدنا من تجربة الخطأ القيمة ووضعنا معايير جديدة وسياسات ولائحة أنظمة وقوانين تقينا هذا النوع من الخطأ لرأينا مجتمعنا يتطور بشكل أسرع وأفضل..


على قدر ما أسعدتني التغطية الإعلامية المكثفة على مدى قرابة الأسبوع للطفل (أنس) الذي تم اختطافه في مستشفى بالمدينة المنورة والتي تعكس مدى تقديرنا لقيمة الإنسان، وعلى قدر ما سعدنا عندما عاد الطفل لأهله..
على قدر ما حزنت على أوضاع بلادنا..


حزنت على تكرار خطف المواليد في عدد من مناطق المملكة .. أين هي التطبيقات الاحترازية لمنع تكرار حدوث مثل هذه المأساة؟

في كثير من مستشفيات دول العالم يوضع سوار في معصم المولود مزودا بتقنية مرتبطة بنظام المعلومات داخل المستشفى مما يسمح بتحديد مكان الطفل، وإذا ما حاول أحد إخراج الطفل ومازال في نظام المعلومات أصدر نظام السلامة إشارات تنبيه قوية للمستشفى ولا يسمح لأحد بالدخول أو الخروج وهي تشبه إلى حد كبير طريقة عمل أجهزة كشف السرقة في المحلات.


وهل هناك ما هو أقيم من الإنسان..


وأحد الأنظمة المتقدمة لحماية المواليد هي نظام يسمى (Hugs & Kisses) وهو من أهم وأحدث أنظمة الحماية والسلامة في المستشفيات والخاصة بحماية المواليد من التبديل (خلط المواليد) أو الإختطاف، وأحب أن أنوه هنا أولا انني أحرص دائماً في كتاباتي أن لا أستخدم أو أسخر قلمي إلاَّ في أمور تخص المصلحة العامة وأتجنب كل ما قد تختلط فيه المصلحة العامة بالخاصة، ومن منطلق المصلحة العامة المحضة وجدت نفسي اليوم مضطراً أن أقدم النموذج الذي سأفصل فيه وأدعو الله أن تعم الفائدة وتتحقق الغاية والله من وراء القصد.


فقد أكرمنا الله منذ افتتاح المركز الطبي الدولي عام 2006م، أن ندرك أهمية وضع أكثر الأنظمة تقدماً في حماية المواليد من منطلق أن أقيم وأقدس مافي الأرض هو ذلك الإنسان.

وهذا الطفل هو أقيم وأغلى وأثمن من أكبر جوهرة على وجه الأرض تباع وتشترى في المزادات العالمية بعشرات الملايين من الدولارات وتوضع لها أفضل وسائل الحماية.


نعم ليس هناك أقيم ولا أثمن ولا أغلى من هذا الطفل الرضيع الذي هو أمانة في أعناقنا لا حول له ولا قوة بل جعل الله حمايته رعايته مسئولية ملقاة على عواتقنا..

إنها حقاً جريمة كبرى نرتكبها في حق طفل واحد يُربى في غير أهله نتيجة إهمالنا وتقصيرنا في الأخذ بأسباب الحماية والسلامة.
وبذلك كان المركز الطبي الدولي منذ افتتاحه في عام 2006م، أول مستشفى في المملكة العربية السعودية والخليج العربي يطبق نظام حماية المواليد المتقدم ،وكان ذلك قبل حدوث كثير من المشاكل في السنوات الأخيرة من مثل هذه الأحداث تفجعنا بين الحين والآخر، وقبل أن يكون حتى مستلزماً أو مطلباً حكومياً، وذلك من واقع إحساس الإدارة بالمسؤولية والأمانة، وتفادياً لحدوث أي عمليات خطف أو اختلاط أطفال كما حصل في بعض المستشفيات الأخرى في السنوات السابقة.


ونظام حماية الموليد هذا هو عبارة عن سوارين إلكترونين يوضعان في يد الأم وقدم طفلها بعد عملية الولادة مباشرة، وتتم عملية ربط الجهازين عن طريق تعريفهما ببعضهما إلكترونياً وبنغمة معينة خاصة بالأم وطفلها، فيما لو أخذ الطفل لأم أخرى غير والدته عن طريق الخطأ فإنه يعطي صوت مغاير ويرسل رسالة رقمية الى أجهزة مخصصة لدى التمريض والأمن ينبه بحصول المشكلة مع كافة تفاصيلها، كما أن السوار يحدد موقع الطفل كل ثانيتين وذلك عن طريق إرسال رسائل نصية لنظام الأمن بالمستشفى، وهو مرتبط الكترونياً بأنظمة التحكم بالأبواب وأنظمة الكاميرات، إذ يعطي إنذارا بغلق جميع أبواب جناح الولادة أتوماتيكياً بمجرد الاقتراب منه بمسافة مترين تقريباً في حال سرقة المولود، كما يتم إيقاف عملية الخروج والدخول للجناح ولا يتم فتحها إلا عن طريق مشرف الأمن والسلامة ورجال الأمن بعد التحقق والتأكد من سلامة وأمن الطفل ووالدته.

وقد تم تغطية وشرح هذا النظام تفصيلياً في الحلقات الأولى من شهر رمضان لهذا العام في برنامج خواطر للشاب أحمد الشقيري والذي تم فيه فحص النظام عملياً من قِبل مقدم البرنامج وكاميرات التلفاز بدون سابق إنذار أو تحضير للتأكد من عمله على أرض الواقع.

انني أتطلع ان أرى كل مستشفى في بلادنا الغالية تطبق أفضل أنظمة حماية المواليد، فالتقاعس في الأخذ بأسباب حماية الأطفال لهو حقا جريمة في حق أحباب الله.

عكاظ   لقراءة المقالة من صحيفة عكاظ الرجاء الضغط على الرابط أدناه

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20101221/Con20101221389733.htm