ولكل عصر طاعونه

ان لله في عباده سننا لا تتغير ولا تتبدل، ومن هذه انه ما انتشر فساد في الأرض إلا وكان له عذاب يصيب الله به أقواما تذكرة وعبرة وإعادة لبعض التوازن الذي فقد من جراء الفساد، ففي الستينات الميلادية انتشرت الإباحية الجنسية في الغرب فجاء مرض فقد المناعة المكتسبة ( الإيدز ) ليكبح جماع هذا الهوس الجنسي والإباحية المستشرية.

 

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مرض الطاعون: ” ان هذا الوجع أو السقم رجز عذب بعض الأمم قبلكم، ثم بقي بعد بالأرض، فيذهب المرة ويأتي الأخرى فمن سمع به بأرض، فلا يقدمن عليه، ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه”. صدق الرسول الكريم، ولكل عصر طاعونه.

 

وفي أيامنا هذه كثر الظلم والقتل والهرج والمرج والفساد والفاحشة وظن جبابرة الأرض أنهم قادرون عليها فأرسل الله الى الأرض جنديا من أصغر جنوده حجما ( لا يرى بالعين المجردة ) فكان هذا الجندي الفيروس الجديد المسمى بالالتهاب الرئوي اللانمطي ( SARS ) الذي بدأ ينشر الرعب في دول شرق آسيا وكندا وأمريكا وأوروبا، وهذا الفيروس هو فيروس قديم وهو من مجموعة فيروسات تسمى ” فيروسات كورونا ” (Coronavirus)ويعتقد أنه فيروس قديم لم يتعرف على ترتيبه الجيني سابقا، وقد سجلت حالات كثيرة تعدت الآلاف، وحصد الفيروس المئات من الأرواح حتى يومنا هذا ..

 

وهو مرض فيروسي حاد تكمن خطورته في انه ينتشر بسرعة وفي فترة قصيرة عن طريق الرذاذ التنفسي وسوائل الجسم، وبذلك فإن مجرد المصافحة ثم فرك العينين أو ملامسة اليد للأنف والفم كفيلة بنقل الفيروس، ولا يوجد له علاج نوعي أو لقاحي حتى يومنا هذا..

 

ويبدأ المرض بحمى عاليه ( أكثر من 38 درجة مئوية ) مع سعال وصعوبة تنفس وقد يتطور المرض في عدد من الحالات الى التهاب رئوي حاد، ويؤدي في بعض الحالات الى الاحتياج الى تنفس صناعي وقد يكون المرض مصحوبا بالصداع وكحة جافة مصحوبة بضيق التنفس، وتكمن خطورة المرض كذلك في أن فترة حضانته تتراوح ما بين يومين الى سبعة أيام، وقد تستمر الى عشرة أيام أي بمعنى آخر ان الشخص الحامل للفيروسات قد لا يعلم انه حامل له إلا بعد 10 أيام من الإصابة، وهي فترة زمنية كافية للمصاب أن ينتقل من أقصى شرق الكرة الأرضية الى غربها ويحمل معه الفيروس دون علمه.

 

وقد توصل العلماء الى تصميم فحص كاشف للمساعدة في التشخيص المخبري للمرض عن طريق عدة طرق مخبرية ويتم تطوير هذا الفحص ليصبح سريع الاستعمال وأكثر توثيقا.

 

ونظرا لكل ما تقدم من طريقة انتشار المرض، وسرعته، واحتمال وصوله قريبا الى كل أقطار العالم فإنني أطالب جميع أفراد المجتمع أن يكتفوا بالمصافحة عند لقاء المعارف والأصحاب وهو الأسلوب الإسلامي الصحيح للتحية.

 

لقد أيقظ هذا الجندي الصغير الذي لا يرى بالعين المجردة جنديا آخر من جنود الله يقبع ساكنا في قلب كل بني آدم يسمى ” بالخوف”، وان هذا الذي نرى ما هو إلا إرهاصات ومقدمات لأمور أعظم وأجل ولله حكمته في اختيار طرق الأنذار والتحذير ولا يبصرها إلا أهل البصائر، وانني لأؤمن بأن ما نرى ونسمع من هذه الابتلاءات لهو مرتبط أوثق ارتباط بما يظهر في الأرض من فساد على يد الإنسان.
( ما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) ( الزمر 67 )

 

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر المهاجرين خمسة إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم،ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله و يتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

 

ولكل عصر طاعونه ..